{ ولو أننا أنزلنا إليهم الملائكة } فرأوهم عياناً { وكلمهم الموتى } فشهدوا لك بالصِّدق والنُّبوَّة { وحشرنا عليهم } وجمعنا عليهم { كلَّ شيء } في الدُّنيا { قُبلاً } و { قِبَلاً } أَيْ: مُعاينةً ومُواجهةً { ما كانوا ليؤمنوا } لما سبق لهم من الشَّقاء { إلاَّ أنْ يشاء الله } أن يهديهم { ولكنَّ أكثرهم يجهلون } أنَّهم لو أُوتوا بكلِّ آيةٍ ما آمنوا. { وكذلك جعلنا لكلِّ نبيٍّ عدوّاً } كما ابتليناك بهؤلاء القوم كذلك جعلنا لكلِّ نبيٍّ قبلك أعداءً؛ ليعظم ثوابه، والعدوُّ ها هنا يُراد به الجمع، ثمَّ بيَّن مَنْ هم فقال: { شياطين الإِنس } يعني: مردة الإِنس، والشَّيطان: كلُّ متمرِّدٍ عاتٍ من الجنَّ والإِنس { يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً } يعني: إنَّ شياطين الجنِّ الذين هم من جند إبليس يوحون إلى كفار الإِنس ومردتهم، فيغرونهم بالمؤمنين، وزخرف القول: باطله الذي زُيِّن ووُشِّي بالكذب، والمعنى أنَّهم يُزيِّنون لهم الأعمال القبيحة غروراً { ولو شاء ربك ما فعلوه } لَمَنع الشَّياطين من الوسوسة للإِنس. { ولتصغى إليه } ولتميل إلى ذلك الزُّخرف والغرور { أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة } قلوب الذين لا يصدِّقون بالبعث { وليرضوه } ليحبُّوه { وليقترفوا } ليعملوا ما هم عاملون. { أفغير الله } أَيْ: قل لأهل مكَّة: أفغير الله { أبتغي حكماً } قاضياً بيني وبينكم { وهو الذي أنزل إليكم الكتاب } القرآن { مفصلاً } مُبَيِّناً فيه أمره ونهيه { والذين آتيناهم الكتاب } من اليهود والنَّصارى { يعلمون } أنَّ القرآن { منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين } من الشَّاكين أنَّهم يعلمون ذلك. { وتمت كلمات ربك } أقضيته وعِداته لأوليائه في أعدائه { صدقاً } فيما وعد { وعدلاً } فيما حكم. والمعنى: صادقةً عادلةً { لا مبدِّل لكلماته } لا مُغيِّر لحكمه، ولا خلف لوعده { وهو السميع } لتضرُّع أوليائه، ولقول أعدائه { العليم } بما في قلوب الفريقين. { وإن تطع أكثر من في الأرض } يعني: المشركين { يضلوك عن سبيل الله } دين الله الذي رضيه لك، وذلك أنَّهم جادلوه، في أكل الميتة، وقالوا: أتأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل ربُّكم؟ { إن يتبعون إلاَّ الظن } في تحليل الميتة { وإن هم إلاَّ يخرصون } يكذبون في تحليل ما حرَّمه الله.