الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ }

{ وقالوا لنْ يَدْخُل الجَنَّةَ إلاّ مَنْ كانَ هُوداً أو نَصارَى } هذا إنجاز ومساواته هكذا. وقالت اليهود لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً وقالت النصارى لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى، وهو أيضاً من اللف والنشر الذى كان لفه على الإجمال، فإن الواو فى قالوا عائد إلى أهل الكتاب بقيد انقسامهم إلى يهود ونصارى، وباعتبار هذا القيد، أو عائد إلى اليهود والنصارى المدلول عليهما بقوله { هودأً أو نصارى } فالملفوف إجمالا هما اليهود والنصارى لفا فى الواو، وإن شئت فقل الملفوف هو قول اليهود وقول النصارى، إذ لفا فى الفعل من قوله { قالوا } والمنشور هو قوله { هوداً أو نصارى } ولو أريد اللف على سبيل التفصيل لقيل قالت اليهود وقالت النصارى، أو قالت اليهود والنصارى، فيكون النشر على ترتيب اللف، أو قالت النصارى وقالت اليهود، أو قالت النصارى واليهود، فيكون على غير الترتيب، وإن قلت لم ساغ ذلك اللف وذلك النشر مع أن الكلام بهما يوهم أن كلا من اليهود والنصارى راض على الآخر، وأن المراد قالت اليهود لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى، وقالت النصارى لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى؟ قلت إنما ساغ ذلك بنصب القرينة الدالة على عدم ما يتوهم من ذلك، وهى قوله عز وعلاوقالت اليهود ليست النصارى على شئ وقالت النصارى ليست اليهود على شئ } فإن من سمع هذه القرينة رد إلى كل فريق مقوله، أو إلى كل قول محكيه، وهو ذلك المقول أيضاً، وعلم أن كل فريق يضلل الآخر ويعتقد أنه الذى يدخل الجنة لا الآخر، وهكذا كل لف ونشر لا بد فيهما من قرينة بعضية أو حالية، وجملة قالوا معطوفة على جملة { ود كثير } وهو ذا جمع هائد بمعنى تائب كبازل ويزل وعائذ وعوذ، وهو الوالدة قريبا من ظبية وناقة وفرس أنثى، وإن تقادم الوقت الذى ولدت فيه جنينها لم تسم عائذ أو مثل ذلك حائل وحول، وهى المرأة التى تحيض ولم تحمل، واعتبر لفظ من فأضمر فى كان ضمير مفرد، واعتبر معناها المراد هنا، فأخبر عن ذلك الضمير يهود أو نصارى، وهما جمع خبر لكان. وقرأ أبى إلا من كان يهودياً أو نصرانيا بمراعاة لفظ من فى الجميع، روى أن وفد نجران وهم نصارى اجتمعوا مع يهود خيبر عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فى مجلسه. فقالت يهود خيبر لن يدخل الجنة إلا من كان هودا ولا دين إلا دين اليهودية، وقالت نصارى نجران لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى ولا دين إلا دين النرانية، فنزل قوله تعالى { وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى } وأو بمعنى الواو، لأن الأصل وقالت اليهود لن يدخل الجنة إلا من كان هودا، وقالت النصارى لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى أو للتقسيم، قسمت القائلين ومقولهم، فإن اليهود قائلون ومقولهم إلا من كان هودا، والنصارى قائلون ومقولهم من كان نصارى.

السابقالتالي
2 3