الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَن يُؤَخِّرَ ٱللَّهُ نَفْساً إِذَا جَآءَ أَجَلُهَآ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }

{ ولن يؤخر الله نفسا } اى ولن يمهلها مطيعة وعاصية صغير او كبيرة { اذا جاء اجلها } اى آخر عمرها او انتهى ان أريد بالاجل الزمان الممتد من اول العمر الى آخره يعنى جون عمر بآخر رسيد جيزى بران نيفزايند وازان كم نكنند قال الشيخ سعدى
كه يك لحظه صورت نه بندد امان جو بيمانه برشد بدور زمان   
واستنبط بعضهم عمر النبى عليه السلام من هذه الآية فالسورة رأس ثلاث وستين سورة وعقبها بالتغابن ليظهر التغابن فى فقده قال بعضهم الموت على قسمين اضطرارى وهو المشهور فى العموم والعرف وهو الاجل المسمى الذى قيل فيه اذا جاء اجلهم لايستأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون والموت الآخر موت اختيارى وهو موت فى الحياة الدنيا وهو الاجل المقضى فى قولهثم قضى اجلا } ولايصح للانسان هذا الموت فىحياته الا اذا وحد الله تعالى توحيد الموتى الذين انكشفت لهم الأغطية وان كان ذلك الكشف فى ذلك الوقت لايعطى سعادة الا لمن كان فى العامة عالما بذلك فاذا انكشف الغطاء يرى ما علم عينا فهو سعيد فصاحب هذا التوحيد ميت لاميت كالمقتول فى سبيل الله نقله الله الى البرزخ لاعن موت فالشهيد مقتول لاميت وكذلك هذا المعتنى به لما قتل نفسه فى الجهاد الاكبر الذى هو جهاد النفس رزقه الله تعالى حكم الشهادة فولاه النيابة فى البرزخ فى حياته الدنيا فموته معنوى وقتله مخالفة نفسه { والله خبير بما تعملون } فماجازيكم عليه ان خيرا فخير وان شرا فشر فسارعوا فى الخيرات واستعدوا لما هو آت القاشانى قضية الايمان غلبة حب الله على محبة كل شىء فلا تكن محبتهم ومحبة الدنيا من شدة التعلق بهم وبالاموال غالبة فى قلوبكم على محبة الله فتحجبون بهم عنه فتصيرون الى النار فتخسرون نور الاستعداد الفطرى باضاعته فيما يفنى سريعا وتجردوا عن الاموال بانفاقها وقت الصحة والاحتياج اليها لتكون فضيلة فى نفسكم وهيئة نورية لها فان الانفاق انما ينفع اذا كان عن ملكة السخاء وهيئة التجرد فى النفس فاما عند حضور الموت فالمال للوارث لا له فلا ينفعه انفاقه وليس له الا التحسر والندم وتمنى التأخير فى الأجل بالجهل فانه لو كان صادقا فى دعوى الايمان وموقنا بالآخرة لتيقن ان الموت ضرورى وانه مقدر فى وقت معين قدره الله فيه بحكمته فلا يمكن تأخره ولتدارك امره قبل حلول المنية فانه لايدرى المرء كيف تكون العاقبة ولذا قيل لاتغتر بلباس الناس فان العاقبة مبهمة
مسكين دل من كرجة فراوان داند در دانش عاقبت فرومى ماند   
وفى الحديث " لأن يتصدق المرء فى حياته بدرهم خير من أن يتصدق بمائة عند موته "

السابقالتالي
2