الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي ٱلْقُبُورِ } * { وَحُصِّلَ مَا فِي ٱلصُّدُورِ } * { إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ }

قوله: { أَفَلاَ يَعْلَمُ }. لما عد عليه قبائح أفعاله خوّفه، فقال: { أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي ٱلْقُبُورِ }.

العامل في " إذَا " أوجه:

أحدهما: " بُعْثِرَ " نقله مكيٌّ عن المبرِّد. وتقدم تحريره في السورة قبلها.

قال القرطبيُّ: العامل في " إذا ": " بعثر " ولا يعمل فيه " يعلمُ " إذ لا يراد به العلم من الإنسان ذلك الوقت؛ إنما يراد في الدنيا، ولا يعمل فيه " خبير " لأن ما بعد " إن " لا يعمل فيما قبلها، والعامل في " يَوْمئذٍ ": " خَبِيرٌ " وإن فصل اللام بينهما؛ لأن موضع اللام الابتداء، وإنما دخلت في الخبر لدخول " إن " على المبتدأ.

والثاني: ما دل عليه خبر " إن " ، أي: إذا بعثر جوزوا.

والثالث: أنه " يَعْلمُ " ، وإليه ذهب الحوفي وأبو البقاء، وردّه مكي، قال: " لأن الإنسان لا يراد منه العلم والاعتبار ذلك الوقت، وإنما يعتبر في الدنيا ويعلم ".

قال أبو حيان: " وليس بمتضح، لأن المعنى: أفلا يعلم الآن ".

وكان قال قبل ذلك: " ومفعول " يعلم " محذوف، وهو العامل في الظرف؛ أي: أفلا يعلم ما مآله إذا بُعثر " انتهى.

فجعلها متعدية في ظاهر قوله إلى واحد، وعلى هذا فقد يقال: إنها عاملة في " إذا " على سبيل أن " إذا " مفعول به لا ظرف؛ إذ التقدير: أفلا يعرف وقت بعثرة القبور، يعني أن يقر بالبعث ووقته، و " إذا " قد تصرفت وخرجت عن الظرفية، ولذلك شواهد تقدم ذكرها.

الرابع: أن العامل فيها محذوف، وهو مفعول " يَعْلَمُ " ، كما تقدم.

وقرأ العامة: " بُعْثِرَ " - بالعين - مبنيًّا للمفعول، والموصول قائم مقام الفاعل.

وابن مسعود: بالحاء.

قال الفرَّاءُ: سمعت بعض أعراب بني أسد يقرأ " بحثر " بالحاء وحكاه الماوردي عن ابن مسعودٍ.

وقرأ الأسود بن زيد ومحمد بن معدان: " بحث " من البحث.

وقرأ نصر بن عاصم: " بَعْثَرَ " مبنياً للفاعل، وهو اللهُ أو الملك.

فصل في معنى الآية

المعنى " أفَلا يَعْلمُ " ، أي: ابن آدم " إذَا بُعْثِرَ " أي: أثير وقلب وبحث، فأخرج ما فيها.

قال أبو عبيدة: بعثرت المتاع، جعله أسفله أعلاه.

قال محمد بن كعب: ذلك حين يبعثون.

فإن قيل: لم قال: " بُعثِرَ ما في القُبُور " ولم يقل: من في القبور؟ ثم إنه - تعالى - لما قال: " مَا فِي القُبورِ " فلم قال: { إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ }؟.

السابقالتالي
2