الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَـٰطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيَـٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلَٰـقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }

قوله: { وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَـٰطِينُ } الآية.

قوله: { وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ }.

يجو أن تكون " ما " نافية فيحسن الابتداء بها. وأن تكون بمعنى " الذي " أي: واتبعوا الذي أنزل على الملكين، فلا يبتدأ بها.

وقيل: " ما " في موضع نصب بـ " يعلمونَ " ، أي: ويعلمون ما أنزل على الملكين فيتعلمون أي فهم يتعلمون.

وقال الفراء: هو معطوف على { يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ / ٱلسِّحْرَ } { فَيَتَعَلَّمُونَ } وأجاز أن يكون مردوداً على قوله: { إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ } على إضمار تقديره. " فيأتون فيتعلمون ". ويجوز أن يكون مردوداً على { فَلاَ تَكْفُرْ } لأن معناه: " فلا تتعلم السحر ". فيكون تقديره: " فلا تتعلم فيأتون فيتعلمون ".

قوله: { عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ }.

أي: في حين ملكه، " فعلى " بمعنى " في " كما وقعت " في " بمعنى " على " في قوله:وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ } [طه: 71] أي على: جذوع النخل.

ومعنى " تَتْلُو " تقرأ، وقيل: تروي.

قوله: { لَمَنِ ٱشْتَرَاهُ }.

" من " بمعنى " الذي " ، وأجاز الفراء أن تكون للشرط ولا يجوز ذلك عند البصريين. والضمير في { وَٱتَّبَعُواْ } يعود على اليهود الذين وصفهم الله قبل، بنبذ الكتاب والكفر والجحود وغير ذلك، وهم اليهود الذين هم بحضرة رسول الله [عليه السلام] لأنهم تركوا كتابهم واتبعوا السحر.

{ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ }: أي: على عهده.

قال السدي: " كانت الشياطين تصعد إلى السماء فتسمع ما أُخْبِرَ به الملائكة مما يحدث في الأرض / من موت أو جدب أو غير ذلك فيخبرون به الكهنة، فتحدث الكهنة الناس ويزيدون فيه مع كل كلمة سبعين كلمة من الكذب. فاكتتب الناس ذلك في الكتب، وفشا في بني إسرائيل أن الجن تعلم الغيب. فجمع سليمان تلك الكتب فجعلها في صندوق ثم دفنها تحت كرسيه، ولم يكن أحد من الشياطين يدنو من كرسيه إلا احترق. وانتهى الناس عن إضافة الغيب إلى الشياطين. فلما مات سليمان صلى الله عليه وسلم وانقرض العلماء، تمثل الشيطان في صورة الإنسان، وأتى نفراً من بني إسرائيل فقال: هل أدلكم على كنز لا تأكلونه أبداً؟ قالوا: نعم. قال: فاحفروا تحت الكرسي. وذهب معهم فأراهم المكان فحفروا، فوجدوا تلك الكتب، فلما أخرجوها قال: إن سليمان إنما كان يملك الجن والإنس والطير بهذا السحر. ثم ذهب عنهم، وفشا في الناس أن سليمان كان ساحراً، فطلب بنو إسرائيل السحر، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم خاصموه / بها، فأنزل الله عز وجل: { وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيَـٰطِينَ كَفَرُواْ } ".

وقال الربيع في خبر رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2 3 4 5 6