الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُواْ ٱلْعِدَّةَ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِى لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً }

{ بسم الله الرحمن الرحيم. يَا أيُّهَا النَّبِيُّ } أى والمؤمنون فذلك من باب الاكتفاء، بدليل قوله تعالى { إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ } بضمير الجماعة، فهو للنبى - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين. أو الضمير للنبى - صلى الله عليه وسلم - لتعظيمه فلا يقدر المؤمنون كقوله تعالى:رب ارجعون } [المؤمنون: 99] فى وجه. وقال الشاعر:
ألا فارحمونى يا إِله محمد   
وعليه فحكم المؤمنين تبع له - صلى الله عليه وسلم -، وحكم الأمة حكمه إِلا ما خص به. أو يقدر القول هكذا: يا أيها النبى. قل إِذا طلقتم النساء. أو ناداه وخاطبهم وقدم النداء لينتبه لهم، ويراعيهم كمن أحضر قائماً على عماله وأمرهم بالعمل بحضرته، وليس ذلك مما منع من خطابين بكلام واحد لأَن النداء كلام وما بعده كلام، وإِنما ذلك كقوله تعالى:

يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك } [يوسف: 29]. لما كان إِمام أمته - صلى الله عليه وسلم - خصه بالنداء، وعم الخطاب بالحكم لأَنهم لا يصدرون إِلا عنه، كما يقال لرئيس القوم يا فلانى افعلوا كذا إِظهاراً لتقدمه وصدورهم بأَمره. والمراد إِذا أردتم تطليق النساء، فعبر عن الإِرادة بالتطليق لأَنها سببه وإِلا لزم تحصيل الحاصل لقوله تعالى:

{ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } وهو محال، أو لزم تطليق آخر وهو غير مراد وذلك من باب المشارفة كقوله - صلى الله عليه وسلم - من قتل قتيلا فله سلبه. ومن ذلك كان الماشى إِلى الصلاة والمنتظر لها مثل المصلى فى الثواب، وأما أن يقال إِذا صدر منكم تطليق فليكن لعدتهن فليس كافياً لأَنه كلفظ الآية يحتاج للتأويل لأَنه إِذا صدر التطليق استحال طلب تكوينه لعدة مع أنه قد وقع بل يطلق طلاقاً أخر وليس مراداً، بل يقال إِن أردتم صدور الطلاق واللام للتوقيت كقوله كتبته لثلاث بقين، أو مستقبلات لعدتهن، والكون الخاص إِذا علم جاز حذفه وذكره، وإِذا لم يعلم وجب ذكره وإِذا حذف فمع ضمير. وأما العام فواجب الحذف وهو أبداً معلوم بالظرف ويحذف وحده وينتقل ضميره للظرف ويستتر فيه، وذلك فى باب الحال كالصلة والصفة والخبر فى الحال أو فى الأَصل وتقدير مستقبلات أو لاستقبال بناء على ان العدة بالحيض لوجوب أن لا يكون الطلاق فى الحيض، وإِذا كان فى الطهر فليس الطهر مدة تامة لمضى بعضه والسُنة الطلاق فيه قبل المس فيه، والطلاق فى الحيض بدعة إِجماعاً وكبيرة على الأَصح ومضى على الأَصح، وقيل لا يعتد به وكأنه غير واقع، على أن النهى يدل على الفساد ويرده قوله - صلى الله عليه وسلم - " مُرهُ ليراجعها "

السابقالتالي
2 3 4 5