الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ }

بسم الله الرحمن الرحيم { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ } يا محمد وروي أنه قرئ أنا انطيناك بابدال العين نونا وروي أنها قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وهي لغة اليمن * { الكَوْثَرَ } فوعل من الكثرة للافراط في الكثرة قيل لأعرابية رجع ابنها من السفر بم آب ابنك فقالت آب بكوثر. قال الشاعر
وأنت كبير يا ابن مروان طيب وكان أبوك ابن العقائل كوثرا   
فقيل المراد القرآن العظيم وهو مذهب الحسن وقيل هو والنبوة والحكمة وقيل كثرة اتباعه وقيل علماء أمه اللهم برحمتك اجعلنا منهم، وقيل أولاده واتباع أمته وقيل حوض في الجنة وقيل نهر فيها وقيل الخير الكثير ذلك وغيره النبوة والقرآن والحكمة والعلم والشفاعة والحوض وكثرة الإتباع والإظهار على الأديان والنصر وكثرة الفتوح في زمانه وبعده والنهر في الجنة وغير ذلك. قال ابن عباس الكوثر الخير الكثير فقال له سعيد بن جبير فإن ناسا يقولون إنه نهر في الجنة فقال هو خير كثير من الخير الكثير، وقال الجمهور أنه نهر في الجنة قال صلى الله عليه وسلم " بينما أنا في الجنة إذ أنا بنهر حافتاه اللؤلؤ فضربت بيدي إلى مجرى الماء فإذا مشربه مسك أذفر فقلت ما هذا يا جبريل فقال هذا الكوثر الذي أعطاك ربك " ، وذكر في حديث الإسراء أنه زاده الله شرفا قال " انفجر لي من السلسبيل نهر الكوثر ونهر الرحمة فاغتسلت في نهر الرحمة فغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر وسلكت الكوثر حتى انفجر لي في الجنة ". وعن أنس " بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذ غفا غفوة ثم رفع رأسه مبتسما فقلنا ما أضحكك يا رسول الله عليه وسلم قال أنزلت علي آنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ } ثم قال أتدرون ما الكوثر قلنا الله ورسوله أعلم قال نهر في الجنة وعدنيه ربي عز وجل فيه خير كثير وهو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة " وفي الحديث دلالة على أن البسملة من السورة لأنه قال أنزلت علي سورة فقرأ البسملة وما بعدها ودلالة على أن السورة مدنية فإن أنسا في المدينة وعن ثوبان عنه صلى الله عليه وسلم " أول من يرد على الحوض فقراء المهاجرين " الدنس ثيابا الشعث رؤوسا الذين لا ينكحون المتنعمات ولا تفتح لهم أبواب السدد ويموت أحدهم وحاجته تتلجلج في صدره ولو أقسم على الله لأبره وحكى ذلك لعمر بن عبد العزيز فبكى حتى خضل لحيته بالدموع وقال لا جرم أني لا أغسل ثوبي الذي يلي جسدي حتى يتسخ ولا أدهن رأسي حتى يشعث والأشعث المغبر الرأس والسدد جمع سدة وهي عتبة باب الدار وروى أنس أول من يرد الحوض على الدابلون الناحلون السائحون الذين إذا جنهم الليل استقبلوه بالحزن والدابل الذي جسده غير ذي وضاة لجوع أو عطش أو تعب أو نحو ذلك والناحل الهزيل،

السابقالتالي
2 3