الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ الۤمۤصۤ }

{ الۤمۤصۤ } كان الله سبحانه اذا اراد ان يتلكم مع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بقصص الانبياء وما جرى عليهم في الدهور والاعصار وشانه معهم فى الاسرار والحقائق والشرائع وأراد ان يخصه عليه السلام بشريعته ويبين من طريقته الخاصة الى حضرته وتحيره مما كان وما يكون اشارة الى هذه الاشياء له بحروف التهجى وما على ذلك محض الاشارة ولطيف الخطاب وعلم تعالى انه عليه الصلاة والسلام يعرف بتلك الاشارة مراده من علم سباق ونبأ طارق وعلم تعالى ان عموم امته لا يعرف تلك الاشارة فعبر عنها بسورة طويلة من القران ليعرفوا مراده سبحانه من خطابه وخواص امته ربما يطلع على سر بعضها كالصحابة والتابعين والمتقدمين من الاولياء والعلماء كان حروف المقطعات رموز معانى سور القران لا يعرف تلك الرموز الا الرباينون والأبحار من الصديقين فهٰهنا الالف اشارة الى آدم الا ترى ان اول اسم آدم الف اشارة الالف الى حاله وقصته وبدء امره وخلقته وعرضه على الملائكة ودخوله الجنة وخروجه منها وكان هو اصل الفطرة ومن تشعب منه فهو تابع له فى الذكر واشارة الالف الى علم الاسماء بقوله وعلم آدم اسماء التى فيها انباء جميع الذات والصفات والنعوت والافعال وعلم ما كان وما سيكون عرف نبيه محمد صلى الله عليه واله وسلم ما عرف آدم بجميع الاسماء بحرف الالف لانه كان عليه الصلاة والسلام الطف الاولين والأخرين واكرمهم على الله وعلى قدر قربه اشارة الطف واخفى واخبر باللام هٰهنا تعالى حبيبه قصة تجلاه لموسى والجبل وعرف بها تلك الاحوال الماضية الا ترى الى حرف اللام فى التجلى وعرف بحرف الميم شان موسى وقصته من اوله الى أخره الا ترى الى حرف الميم مراسم موسى وعرف بحرف صاد هٰهنا قصص نوح وهود وصالح وشعيب ولوط وجميع ما جرى عليهم من بدوهم الى اخر اعمارهم واخبر بحرف صاد صبرهم وتحملهم فى بلائه وصدق محبتهم بالوفاء والصدق بالاعمال والاقوال وتصديق ذلك وهو ان تحت الحروف جميع الكتب مندرجة ما روى فى الحديث عن قول النبى صلى الله عليه واله وسلم " ان الله سبحانه اعطى آدم حروف التهجى وكان كل حروف كتبا من الله تعالى اليه " وايضا اخبر سبحانه بحرف الالف نبيه عليه السلام عن عين القدم ووحدانية نفسه المنزه عن الاجتماع والافتراق واصدار جميع المخلوقات منه لانه تعالى مصدر جميع الوجود كما ان الالف مصدر جميع الحروف واخبر بالالف سر الاسرار وصرف الانوار وما كان فى جميع الحروف من علم الاولين والاخرين وهذا ادق اشاراته الى نبيه عليه السلام ثم زاد وضوحه بحرف اللام لترفيه خاطره وزيادة ادراكه ثم صرح الخطاب بحرف الميم وبين له بحرف الصاد ما كان فى الاحرف الخاص لان بحرف الصاد صفا جميع علومها له ثم علم العبارة للخلق بالسورة لقلة ادراكهم لغز الاسرار ولطائف ضمائر الاضمار وايضا اخبر بلام الف سر اوليته وما فى بحار ازليته لا ترى كيف شق الالف من اللام لاخفاء الاشارة حتى لم يبق حديث العد فى القدم وكيف يكون لامن لام والف ومعناها العدم فشق احدهما عن الاخر حتى لا يكون حديث النفى لان النفى علة يقع على الحدثان وليس ذكر الحدثان فى القدم اخبر بالالف عن احدية الاولية وبالام عن الازلية السرمدية وبالميم عن محبته القدمية وبالصاد عن صفاته القائمة بذاته الابدى اخبر بالالف عن الذات لانها عين الواحد ثم اخبر باللام والميم والصاد عن شمول صفاته القديمة الالف من الذات واللام من صفة الازل والميم من صفة المحبة والصاد خبر جميع الصفات قال محمد بن عيسى الهاشمي سمعت من ابن عطا انه قال لما خلق الله الاحرف جعل لها سراً فلما خلق آدم بث فيه ذلك السر ولم يبثه فى الملائكة فجرت الاحرف على لسان آدم بفنون الجريان وفنون اللغات جعله الله صورة لها وقال الحسين الالف الف المالوف واللام لام الالاء والميم ميم الملك الصاد صاد الصدق وقال فى القران علم كل شىء وعلم القران فى الاحرف التى فى اوائل السور وعلم الحروف فى لام الف وعلم لام الف فى الالف وعلم الالف فى النقطة وعلم النقطة فى المعرفة الاصلية وعلم المعرفة الاصلية فى الازل وعلم الازل فى المشية وعلم المشية فى غيب الهوى وغيب الهو ليس كمثله شىء وقال ابو محمد الجريرى ان لكل لفظ وحرف من الحروف مشرب فهم غير الاخر ومن شراح ذلك حين سمعه يقول الۤمۤصۤ للالف عندهم فهم وللفهم فى محضرهم استماع الى حسن مخرج وطعم عذب موجود نظر الى المتكلم وكذلك اللام حسن استماع ومخرج غير الالف وطعم فهم موجود وكذلك للميم حسن استماع من مخرج غير اللام وطعم فهم موجود والصاد حسن استماع الى حسن مخرج وطعم فهم موجود غير الميم فممزوج ذلك كله بالملاحظة للمتكلم وقال الحسين الالف الف الازل واللام لام الابد والميم ما بنيهما والصاد اتصال من اتصل به وانفصال من انفصل عنه وفى الحقيقة الاتصال والانفصال وهذه الفاظ تجرى على حسب العبارات ومعادن الحق مصونه عن الالفاظ والعبارات.