الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُواْ ٱلْعِدَّةَ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِى لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً }

{ يا ايها النبى اذا طلقتم النساء } التطليق طلاق دادن يعنى عقده نكاح راحل كردن وكشادن. قال فى المفردات اصل الطلاق التخلية من وثاق ويقال اطلقت البعير من عقاله وطلقته وهو طالق وطلق بلا قيد ومنه استعير طلقت المرأة اذا خليتها فهى طالق اى مخلاة عن حبالة النكاح انتهى والطلاق اسم بمعنى التطليق كالسلام والكلام بمعنى التسليم والتكليم وفى ذلك قالوا المستعمل فى المرأة لفظ التطليق وفى غيرها لفظ الاطلاق حتى لو قال اطلقتك لم يقع الطلاق ما لم ينو ولو قال طلقتك وقع نوى او لم ينو والمعنى اذا اردتم تطليق النساء المدخول بهن المعتدات بالاقرآء وعزمتم عليه بقرينة فطلقوهن فان الشئ لا يترتب على نفسه ولا يؤمر أحد بتحصيل الحاصل ففيه تنزيل المشارف للشئ منزلة الشارع فيه والاظهر انه من ذكر السبب وارادة المسبب وتخصيص الندآء به عليه السلام مع عموم الخطاب لأمته ايضا لتحقيق انه المخاطب حقيقة ودخولهم فى الخطاب بطريق استتباعه عليه السلام اياهم وتغليبه عليهم ففيه تغليب المخاطب على الغائب والمعنى اذا طلقت انت وامتك وفى الكشاف خص النبى بالندآء وعم بالخطاب لان النبى امام امته وقدوتهم كما يقال لرئيس القوم وكبيرهم يا فلان افعلوا كيت وكيت اظهارا التقدمه واعتبارا لترؤسه وانه لسان قومه فكأنه هو وحده فى حكم كلهم لصدورهم عن رأيه كما قال البقلى اذا خاطب السيد بان شرفه على الجمهور اذ جمع الجميع فى اسمه ففيه اشارة الى سر الاتحاد وفى كشف الاسرار فيه اربعة اقوال احدها انه خطاب للرسول وذكر بلفظ الجمع تعظيما كما يخاطب الملوك بلفظ الجمع والثانى انه خطاب له والمراد امته والثالث ان التقدير يا أيها النبى والمؤمنون اذا طلقتم فحذف لان الحكم يدل عليه والرابع معناه يا أيها النبى قل للمؤمنين اذا طلقتم انتهى. يقول الفقير هذا الاخير انسب بالمقام فيكون مثل قوله يا أيها النبى قل لازواجك قل للمؤمنين قل للمؤمنات ولان النبى عليه السلام وان كان اصيلا فى المأمورات كما ان امته اصيل فى المنهيات الا ان الطلاق لما كان ابغض المباحات الى الله تعالى كما سيجيئ كان الاولى أن يسند التطليق الى امته دونه عليه السلام مع انه عليه السلام قد صدر منه التطليق فانه طلق حفصة بنت عمر رضى الله عنهما واحدة فلما نزلت الآية راجعها وكانت علامة كثيرة الحديث قريبا منزلتها من منزلة عائشة رضى الله عنهما فقيل له عليه السلام راجعها فانها صوامة قوامة وانها من نسائك فى الجنة حكاه الطبرى وفى الحديث بيان فضل العلم وحفظ الحديث ومحبة الله الصيام والقيام وكرامة اهلهما عنده تعالى.

السابقالتالي
2 3 4 5 6