الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

{ سبح لله مافى السموات والارض } التسبيح تنزيه الله تعالى اعتقادا وقولا وعملا عما لايليق بجانبه سبحانه بدأ الله بالمصدر فى الاسرآء لانه الاصل ثم بالماضى فى الحديد والحشر والصف لانه اسبق الزمانين ثم بالمستقبل فى الجمعة والتغابن ثم بالامر فى الاعلى استيعابا لهذه الكلمة من جميع جهاتها ففيه تعليم عباده استمرار وجود التسبيح منهم فى جميع الازمنة والاوقات والحاصل ان كلا من صيغتى الماضى والمضارع جردت عن الدلالة على مدلولها من الزمان المخصوص فأشعر باستمراره فى الازمنة لعدم ترجيح البعض على البعض فالمكونات من لدن اخراجها من العدم الى الوجود مسبحة فى كل الاوقات لايختص تسبيحها بوقت دون وقت بل هى مسبحة ابدا فى الماضى وتكون مسبحة ابدا فى المستقبل وفى الحديث " أفضل الكلام اربع سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر لايضرك بأيهن بدأت " وسئل على رضى الله عنه عن سبحان الله فقال كلمة رضى الله لنفسه وسبح متعد بنفسه كما فى قوله تعالىوتسبحوه } واللام اما مزيدة للتأكيد كما فى نصحت له وشكرت له فى نصحته وشكرته او للتعليل والفعل منزل منزلة اللازم اى فعل التسبيح واوقعه واحدثه لاجل الله تعالى وخالصا لوجهه والمراد بما فى السموات والارض جميع المخلوقات من حى وجماد وجاء بما تغليبا للاكثر مع ان اكثر العلماء على ان مايعم العقلاء وغيرهم والمراد بستبيح الكل تسبيح عباده ومقال كما قال بعض الكبار قد أخذ الله بأبصار الانس والجن عن ادراك حياة الجمال الا من شاء الله والاشياء كلها انما خلقت له سبحانه لتسبح بحمده واما انتفاعا بها انما هو بحكم التبعية لا بالقصد الاول قال الحسن البصرى رحمه الله لولا مايخفى عليكم من تسبيح من معكم فى البيوت ماتقاررتم ثم وقال بعضهم لايصدر عن الحى الا حى ولو وجد من العالم موجود غير حى لكان غير مستند الى حقيقة الهية وذلك محال فالجماد ميت فى نظر المحجوب حى فى نفس الامر لاميت لان حقيقة الموت مفارقة حى مدبر لحى مدبر والمدبر والمدبر حى والمفارقة نسية عدمية لا وجودية فان الشان اما هو عزل عن ولاية وانتقال من دار الى دار وليس من شرط الحى أن يحس لان الاحساس والحواس امر معقول زآئد على كونه حيا وانما هما من شرط العلم وقد لا يحس وقد لايحس وتأمل صاحب الآكلة اذا اكل مايغيب به احساسه كيف يقطع عضوه ولا يحس به مع انه حى ليس بميت وقال بعضهم كل شىء فى العالم يسبح الله بحمده الذى اطلعه الله على انه حمد به نفسه ويختلف ذلك باختلافهم الا الانسان خاصة فان بعضه يسبح بغير حمده ولايقبل من الحق بعض مااثنى به على نفسه فهو يؤمن ببعض وهو قوله

السابقالتالي
2