التسبيحُ التقديسُ والتنزيه، ويكون بمعنى سباحة الأسرار في بحار الإجلال، فيظفرون بجواهر التوحيد ويَنْظِمونها في عقود الإيمان، ويُرَصِّعونها في أطواق الوصلة: وقوله { مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } المرادُ به " من " في السماوات والأرض، يسجدون لله طوعاً وكرهاً؛ طوعاً تسبيحَ طاعةٍ وعبادة، وكرهاً تسبيح علامة ودلالة. وتُحْملُ " ما " على ظاهرها فيكون لمعنى: ما من مخلوقٍ من عينٍ أو أَثَرِ إلا ويَدُلُّ على الصانع، وعلى إثبات جلاله، وعلى استحقاقه لنعوت كبريائه. ويقال: يُسبح لله ما في السماوات والأرض، كلٌّ واقفٌ على الباب بشاهدِ الطّلَبِ... ولكنه - سبحانه عزيزٌ. ويقال: ما تَقَلّب أحدُ من جاحدٍ أو ساجدٍ إلا في قبضة العزيز الواحد، فما يُصَرِّفهم إلا مَنْ خَلَقَهم؛ فمِنْ مُطيعٍ أَلْبَسَه نطاق وفاقه - وذلك فَضْلُه، ومِنْ عاصٍ رَبَطَه بمثقلة الخذلان - وذلك عَدْلُه. { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }: العزيز: المُعِزُّ لِمَنْ طَلَبَ الوصول، بل العزيز: المتقدِّسُ عن كل وصول.. فما وَصَلَ مَنْ وَصَلَ إلا حظِّه ونصيبه وصفته على ما يليق به.