الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْمُرْسَلاَتِ عُرْفاً }

قوله: { عُرْفاً }: فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنَّه مفعولٌ مِنْ أجلِه، أي: لأجلِ العُرْفِ وهو ضِدُّ النُّكْرِ. والمرادُ بالمُرْسَلاتِ: إمَّا الملائكةُ، وإمَّا الأنبياءُ، وإمَّا الرِّياحُ أي: والملائكةُ المُرْسَلاتُ، أو والأنبياء المُرْسَلات، أو والرياحُ المُرْسَلات. والعُرْفُ: المعروفُ والإِحسانُ. قال الشاعر:
4454ـ مَنْ يَفْعَلِ الخيرَ لا يَعْدَمْ جَوازِيَهُ   لا يَذْهَبُ العُرْفُ بينَ اللَّهِ والناسِ
وقد يُقال: كيف جَمَعَ صفةَ المذكرِ العاقلِ بالألفِ والتاءِ، وحقُّه أَنْ يُجْمَعَ بالواوِ والنونِ؟ تقول: الأنبياءُ المُرْسَلونَ، ولا تقولُ: المُرْسَلات. والجوابُ: أنَّ المُرْسَلات جَمْعُ مُرْسَلة، ومُرْسَلة صفةٌ لجماعةٍ من الأنبياء، فالمُرْسَلات جمعُ " مُرْسَلة " الواقعةِ صفةً لجماعة، لا جمعُ " مُرْسَل " المفردِ. الثاني: أَنْ ينتصِبَ على الحالِ بمعنى: متتابعة، مِنْ قولِهم: جاؤوا كعُرْفِ الفَرَس، وهم على فلانٍ كعُرْف الضَّبُع، إذا تألَّبوا عليه. الثالث: أَنْ ينتصِبَ على إسقاطِ الخافضِ أي: المُرْسَلاتِ بالعُرْفِ. وفيه ضَعْفٌ، وقد تقدَّمَ الكلامُ على العُرْف في الأعراف. والعامَّةُ على تسكينِ رائِه، وعيسى بضمِّها، وهو على تثقيلِ المخففِ نحو: " بَكُر " في بَكْر. ويُحتمل أَنْ يكونَ هو الأصلَ، والمشهورةُ مخففةٌ منه، ويُحْتَمَلُ أَنْ يكونا وزنَيْنِ مستقلَّيْن.