الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ } * { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنْحَرْ } * { إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ }

قوله: { إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ } أي إن بجلالنا وعظمة قدسنا، فالإيتان بإن ونون العظمة للتأكيد ولزيادة تشريفه صلى الله عليه وسلم، والمعنى: قضينا به لك، وخصصناك به وأنجزناه لك في علمنا وتقديرنا الأزلي، وإن لم تستول عليه وتتصرف فيه إلا في القيامة، فالعطاء ناجز، والتمكن والاستيلاء مستقبل. إن قلت: إنه عبر هنا بالماضي، وفي الضحى بالمضارع حيث قال:وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ } [الضحى: 5] فكيف الجمع بينها؟ أجيب: بأن ما في الضحى باعتبار التمكن والاستيلاء، وذلك يحصل في المستقبل في يوم القيامة، وما هنا باعتبار التقدير الأزلي.

قوله: { ٱلْكَوْثَرَ } فوعل من الكثرة، وصف مبالغة في المبالغ في الكثرة. قوله: (هو نهر في الجنة) ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم: " الكوثر نهر في الجنة، حافتاه من الذهب، مجراه من الدر والياقوت، تربته أطيب من المسك، وماؤه أحلى من العسل وأبيض من الثلج ". قوله: (هو حوضه) الصواب أن يقول: أو هو حوضه، لأنهما قولان مذكوران في التفاسير من جملة ستة عشر قولاً، ويدل لهذا الثاني قول أنس: " بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا، إذ أغفى إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسماً؛ فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: أنزلت علي آنفاً سورة فقرأ { بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ } ثم قال: أتدرون ما الكوثر. قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: " فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل، عليه خير كثير، وهو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد نجوم السماء، فيختلج العبد منهم فأقول: يا رب أنه من أمتي، فيقول: ما تدري ما أحدث بعدك ". وورد في صفة الحوض أحاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم: " حوضي مسيرة شهر، ماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السماء، من شرب منه لم يضمأ أبداً " زاد في رواية: " وزواياه سواء ". ومنها غير ذلك. الثالث: أنه النبوة. الرابع: القرآن. الخامس: الإسلام. السادس: تيسير القرآن وتخفيف الشريعة. السابع: كثيرة الأصحاب والأمة والأتباع. الثامن: رفعة الذكر. التاسع: نور في قلبك دلك علي وقطعك عما سواي. العاشر: الشفاعة. الحادي عشر: المعجزات. الثاني عشر: لا إله إلا الله محمد رسول الله. الثالث عشر: الفقه في الدين. الرابعة عشر: الصلوات الخمس. الخامس عشر: العظيم من الأمر. السادس عشر: الخير الكثير الدنيوي والأخروي. ولك من هذه الأقوال تحقق به رسول الله صلى الله عليه وسلم وفوق ذلك مما يعلم غايته إلا الله تعالى. وزاد بعضهم فوق تلك الأقوال: إنه الذرية الكثيرة المباركة، وقد حقق الله ذلك، فلا تجد ذرية لأحد من الخلق مثل ذرية المصطفى صلى الله عليه وسلم في الكثرة ولا في البركة إلى يوم القيامة، اختلف في الحوض، هل هو بعد الصراط أو قبله.

السابقالتالي
2